كأس اللبن والوطن العربي

ما جدوى الإصلاحات و الوعود يا سيدي الكريم ؟

و كما يقول المثل : إذا فات الفوت ما ينفع الصوت

و أقصد هنا صوت القادة الذي جاء متأخرًا

فلم يعد مجديًا و نافعًا حتى لو همَّ قادتنا الأفاضل بالصراخ حين ذاك و حالهم هنا يذكرني بكأس اللبن

حيث يحكى أن أحد الزعماء طلب من شعبه طلباً غريباً في محاولة منه لمواجهة خطر القحط والجوع إذ أخبرهم بأنه سيضع قدراً كبيراً في وسط القرية

وكان لزاماً على كل رجل وامرأة أن يضع في القدر كوباً من اللبن بشرط أن يضع كل واحد الكوب لوحده من غير أن يشاهده أحد .

هرع الناس لتلبية طلب الوالي وقد تخفى كل منهم بالليل وسكب ما في الكأس الذي يخصه وفي الصباح فتح الوالي القدر ..

فماذا شاهد ؟

لقد شاهد القدر قد امتلأ بالماء !! فتعجب وقال : فأين اللبن؟

ولماذا وضع كل واحد من الرعية الماء بدلاً من اللبن ؟

لقد كان لسان حال الكثير يقول Sad

إن وضعي لكوب واحد من الماء لن يؤثر على كمية اللبن الكبيرة التي سيضعها الناس في القدر )

وقد اعتمد كل واحد منهم على غيره في رعاية مصالح البلد! وكل واحد منهم فكر بالطريقة نفسها التي فكر بها الآخر وكل واحد منهم ظن بأنه الوحيد الذي سكب الماء بدلاً من اللبن

والنتيجة هي أن الجوع عمّ هذه القرية و مات الكثيرون منهم ولم يجدوا ما يعينهم وقت الأزمات

فقادتنا و معاونيهم سكبوا الماء في القدر حتى فاض و تحول إلى فيضان عنيف يجرف ما أمامه مقتلعًا الظلم من جذوره رافضًا كل أشكال الذل و الهوان

قادتنا و مسئولينا فقدوا التحكم بعجلة القيادة و فلت زمام الأمور من أيديهم حين فكروا بذاتهم متناسين شعوبًا مغلوبةً لا حول لها و لا قوة

و في كل عام يضاف إلى القدر كأس جديد من الغش و التدليس و السرقة و الجور و الظلم حتى جاءت الساعة الحاسمة و فاض القدر معلنًا ثورة
في تونس ومصر وقريبا في اليمن والسودان وليبيا والسعودية والجزائر

صحيح يا أبو جريج.....

لقد بلغ السيل الزبى..

وبلغ بالشعوب ما بلغ اللبن في القصة الرمزية...

ولم تعد شعوباً لا حول لها ولا قوة...

إنها شعوب حيّة..

مباركةٌ ثورتَهم...

لك شكري..