قصص قصيرة ........................نجيب كيّالي
عكاكيز
مصيبةٌ من العيار الثَّقيل نزلت على حارة الشرق!,حار فيها المداوون!,سكَّن الحارة انهدّت ظهورهم , رقابهم, رُكَبهم.....الشباب شاخوا قبل الأوان!,الشيوخ ازدادوا هرماً!.....ماذا يفعل أهل الحارة؟...
استعانوا بالعكاكيز .....عكاكيز من نوع خاص...عماد يتوكَّأ على ضحكته الحلوة المرَّة, فوزية تتوكّأ على نورٍ تراه في فنجان القهوة الذي تقرؤه بعد أن تشربه عند النافذة, أبو أسامة يتوكَّأ على حنينه إلى عودة الأيام الجميلة,ناديا تتوكَّأ على همسة قلبها التي تقول لها:إنّض العريس قادم, راجىء يتوكَّأ على رغبته في السَّفر ولو على ذيل طائرة....من لم يستطع أن يصنع عكَّازاً صار يزحف , فأكلت لحمه الأرض ! .
فرار
عيناها ربيعٌ أزرق, ضحكتها عرسُ عصافير......لبسَ أجمل ثيابه ليذهب إليها, وكانت تنتظره على نار الشَّوق, لكنَّه لمَحَ في المرآة اللونَ الأبيض في شعره, تذكَّر رقماً كئيباً في بطاقته الشخصيَّة ,ففرَّ إلى درب البكاء الطويل!!.
مشكلة الباب
كان _حفظه الله_يزداد حجماً يوماً بعد يوم, ووليمةً وراء وليمة!......نتجت عن هذا مشكلة عويصة : كيف يُدْخلوُنَهُ من الباب؟.....في البداية كان_كبقيَّة الأمراء_ يدخل بنفسه بكامل كرشه وكتفيه, بعد مدّة صار يدخل مائلاً بعضَ الميل !....ثمَّ اضطروا أن يقدِّموا له المساعدة...بعضهم يشدُّ من الأمام, وبعضهم يدفع من الخلف !!...وحده الباب كان يضحك ويبكي بصمت.
حماقة
شاب رأسه , وقف أمام دولاب العمر, قال: بالذوق, بالقسوة يجب أن ترجع قليلاً إلى الوراء, فأنا لم أتمتَّع أبداً بحياتي....شدَّ عزيمته , وصاح : هيلا....هيلا, دفع الدولاب نحو الخلف , فلم يتزحزح من مكانه, نفخ قائلاً : يا دولابَ النحس تحتاج إلى زيت في منطقة الحركة, صاح: هيلا...هيلا مرة ثانية, ودفع بقوَّة, فلم يحصل على نتيجة!.
وضع يديه في خاصرتيه, قال: يا دولاب النحس يلزمك حبل, فجاء بحبل,لفّه حول الدولاب, شدَّ إلى الوراء ضاغطاً على أسنانه مغمّضاً عينيه!..انزلق الحبل منم موضعه في تلك اللحظة ..كرَّ إلى الوراء في حركة دورانية,فأسكره فرحٌ عظيم ,لقد خُيّل إليه أنّ الدولاب طاوعه أخيراً!
طارت قدماه فوق الأرض كقدمي راقص رشيق, خرج من حنجرته هتاف عذب:
_رجعتُ شاباً.....أي والله رجعت!
وقف أمام المرآة , نظر, فإذا التجاعيد اختفت من وجهه! صدره الناحل كالدّفة امتلأ لحماً وعضلاً! لبس ثيلبه وتعطّر.
في المطعم على كتف النهر تجاهل وصايا الطبيب كلّها, أحضر إلى طعامه الفليفلة الحارة , النشويات, المشاوي الدسمة!
قُبيل الليل وجد نفسه هناك...على السرير الأبيض والممرضة تبحث بعناء عن عرق يده من أجل السيروم!, كان شاحباً واهناً, أدار وجهه إلى الطرف الآخر , فلمح دولاب العمر قرب الحائط يضحك...يضحك وهو يدور إلى الأمام.